أحكام شرعية

يسن للخطيب يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين

يسن للخطيب يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين بكلّ ما فيه خير وبركة، لأن يوم الجمعة له فضيلة كبيرة في استجابة الدعاء والقبول عند الله عزّ وجلّ ورفع الدرجات في الجنّة، لذلك يهتم موقع أطروحة بذكر التفاصيل التي تتعلّق بخطبة يوم الجمعة والدعاء فيها.

نبذة عن صلاة الجمعة

صلاة الجمعة هي إحدى الفرائض التي فرضها الله عزّ وجلّ على المسلمين واختصّها في يوم الجمعة دون سواه، وهي تقام بدلًا من صلاة الظهر، فبدا من أن يصلّي المسلمون أربع ركعات فإّنهم يستعيضون عن ركعتي الظهر الأوليين بخطبة يصعد فيها الإمام على المنبر ليقدّم نصيحة للناس أو يناقش مشكلة تخصّ أمر المسلمين عامّة، ومن ثم يدعو الخطيب والمصلّين، ويصلّون ركعتين وعندها تكون قد انتهت الصلاة، وهي واجبة فقط على كل ذكر مسلم بالغ عاقل.

أما النساء فيصلّين الظهر كما يصلّينه في سائر الأيّام أربع ركعات، وقد ورد في القرآن الكريم دليل قطعيا على وجوب صلاة الجمعة، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِين}. [1] كما تعبّر صلاة الجمعة وحدة المسلمين وتماسكهم سويًّا عندما يتناصحون فيما بينهم ويتشاورون في أمرهم.[2]

يسن للخطيب يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين

إنّ دعاء الخطيب للمسلمين في يوم الجمعة هو أمر مشروع وفعل حسن، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنَّ في الجمعةِ لساعةٌ لا يُوافقها مؤمنٌ يسألُ اللهُ فيها شيئًا إلا أعطاهُ ، قال: فقدم علينا كعبُ الأحبارِ فقال له أبو هريرةَ : ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ساعةً في يومِ الجمعةِ لا يُوافقها مؤمنٌ يصلي يسألُ اللهَ شيئًا إلا أعطاهُ ، قال كعبٌ : صدق والذي أكرمَه إنها الساعةُ التي خلق اللهُ فيها آدمَ والتي تقومُ فيها الساعةُ“.[4] وقد أشار بعض المفسّرين أنّ المقصود بهذه الساعة هي من صعود الخطيب على المنبر إلى أن تُقضى الصلاة وتنتهي، وهذا يدلّ على مشروعيّة دعاء الخطيب للمسلمين ما بين خطبتين الجمعة وبعد الانتهاء منها، لأنُه هو الذي يكون متحدّثًا في ذلك الوقت، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: من مغرب يوم الخميس إلى مغرب يوم الجمعة صحة القول

دعاء الخطيب وسط الخطبة ورفع الناس أيديهم بالدعاء

أشار الإمام ابن باز -رحمه الله- بأنّ الدعاء وسط الخطبة امر حسن، حيث أنه يُسنّ للخطيب  يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين، ولكن لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يرفع يديه بالدعاء في وسط الخطبة، لذلك من الأولى الابتعاد عن ذلك لعدم وروده ولأنّه لم يكن مألوفًا لدى الصحابة الكرام والتابعين والصالحين من بعدهم، ولكنّ الأصل في الدعاء هو رفع اليدين وذلك، ممّا أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولكن يكون فقط في الأوقات  التي علّمنا إيّاها، أمّا إذا كان الموضع غير مألوف رفع اليدين فيه فالأولى الابتعاد عن فعل ذلك، وقت الجمعة ليس من الأوقات التي تُرفع فيها اليدان للدعاء، فمن الأولى الاستنان بسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.[5]

فضل صلاة الجمعة

ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أحاديث عديدة تتحدّث عن الفضائل الكثيرة لصلاة الجمعة ويوم الجمعة ومن هذه الأحاديث نذكر ما يلي:

  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ”.[6]
  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من اغتسل يومَ الجمعةِ وغسَّل، وبكَّر وابتكر، ودنا واستمع، وأنصتَ، كان له بكل خطوةً يخطوها أجرُ سنةٍ صيامُها وقيامُها”.[7]
  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “الصَّلَاةُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُنَّ، ما لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ”.[8]
  • قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”.[9]

فمن من تعدّد الأحاديث نستنتج الفضائل الكثيرة التي لا تُحصى لصلاة الجمعة، والله أعلم.

شاهد أيضًا: فضل موافقة يوم عرفة يوم الجمعة ابن باز

سنن خطبة الجمعة للخطيب

سنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للخطيب أن يفعل عدّة أمور قبل الخطبة، وفي أثنائها وبعدها، فيُستحبّ للخطيب أن يلبس أفضل الثيّاب ويتطّيب قبل ذهابه لصلاة الجمعة وصعوده على المنبر، ويُسنّ له أن يسلّم على الناس قبل بداية الخطبة، ويُستحبّ أن يستهلّ خطبته بحمد الله عزّ وجلّ والثناء عليه، ومن الأمور المسنونة في خطبة الجمعة هي أن يستقبل الخطيب بوجهه الناس وهو يخطب فلا يعطيهم ظهره، وأيضًا يستحبّ للخطيب أن يختار موضوع الخطبة بحيث تتناسب مع الواقع الذي يعيش فيه المسلمون؛ ممّا يساعدهم في حلّ مشكلاتهم، ويعينهم على تعلّم أمور دينهم بشكل أفضل من أجل تطبيق سنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وكتاب الله عزّ وجلّ بكامل تفاصيله وبشكل صحيح، والله أعلم.[10]

السنة النبوية لصلاة الجمعة

يوجد عدّة أمور سنّها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للمرء كي يفعلها في يوم الجمعة، فأوّلًا يُستحبّ للمرء أن يغتسل في بداية يوم الجمعة، ويقرأ سورة الكهف، ويتطيّب بأجمل العطور عنده ويلبس أحسن الثياب قبل ذهابه لصلاة الجمعة، كما أنّ صلاة الجمعة ليس لها سنّة قبليّة، وإنّما عندما يدخل المرء للمسجد فإنّه يصلّي ركعتين تحيّة المسجد، وعندما يفرغ المؤذّن من الأذان فإنّ المصلّي إذا شاء صلّى ركعتين أو ما شاء، على أن لا ينوي بذلك سنّ صلاة الجمعة وإنّما ينوي به التنفّل بشكل عام، وقد أمر النبيّ-صلّى الله عليه وسلّم-  بالإنصات إلى الخطيب والاتّعاظ بحكمه وأقواله، ومن الأمور المستحبّة في يوم الجمعة الإكثار من الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لما لها من فضل عظيم في حياة الإنسان، والله أعلم.

شاهد أيضًا: الدعاء يوم الجمعة قبل المغرب مستجاب مكتوب، أدعية غروب يوم الجمعة

آداب صلاة الجمعة

كما أنّ هناك أمورًا مسنونة في يوم الجمعة، إلّا أنّ هناك أيضًا بعض الآداب التي يجب الالتزام بها في صلاة الجمعة في المسجد وفي يوم الجمعة بشكل عام، فأوّل الآداب هو الاغتسال والتطيّب؛ حتى يظهر المرء بأحسن صورة أمام الناس، وإذا دخل المسجد فيلتزم بآداب المسجد، ولا يرفع صوته والخطيب يتحدّث، بل ويجب عليه الإنصات للخطبة، وإذا دخل متأخرًّا فلا يفرّق بين اثنين جالسين ولا يتخطّى الرقاب إلى الصفّ الأوّل، وأمّا إذا دخل مبكّرًا فيُستحبّ له أن يطلب الصفّ الأوّل فالأوّل ما أمكنه، والله أعلم.

مكروهات يوم الجمعة

هناك بعض الأمور التي يُكره فعلها واقترافها في يوم الجمعة وخاصّة أثناء الخطبة وأثناء الصلاة، سيكره للمرء ان يتحدث اثناء الخطبة أو أن ينشغل بشيء عنها، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ: أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ”. [11] ومن الأمور التي يُكره فعلها هي أن يتخطّى المرء إخوانه المسلمين في أثناء الخطبة، وأن يمرّ من بين أيديهم أثناء الصلاة، ويُكره أيضًا تشبيك الأصابع في اثناء الخطبة والله أعلم.

شاهد أيضًا: فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وأفضل وقت لقراءتها وتدبرها

وبهذا نكون قد وصلنا لختام مقال يسن للخطيب يوم الجمعة أن يدعو للمسلمين، حيث تمّ بيان حكم دعاء الخطيب للمسلمين، بالإضافة إلى التعريف عن يوم الجمعة والأمور المستحبّة فيه للخطيب وللمصلّي، وآداب يوم الجمعة وما يُكره فعله فيه.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock