حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيصها للعبادة
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيصها للعبادة، من الأحكام الشرعية الهامة التي يبحث عنها المسلمون في شهر شعبان المبارك، وذلك لأن كل مسلم مطالب أن يبحث عن الأوقات المباركة واستغلالها بالعمل الصالح والعبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى ولكن بدليلٍ شرعي، ومن خلال موقع أطروحة سيتم تسليط الضوء على مسألة هل يجوز الاحتفال بليلة النصف من شعبان وهل يوجد أحاديث صحيحة في فضلها.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
ذكر أهل العلم أن حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيصها بشيء من العبادة حرامٌ شرعًا ولا يجوز، فبالرغم مما ورد في فضلها فإنه لم يرد فيها أي دليلٍ شرعي على فضل العبادة فيها أو أنه يشرع أن يُخصص فيها أي نوعٍ من العبادات سواءً الصيام أو القيام أو الصدقات أو أي ذكرٍ بعينه، إلا أن المسلم مطالبٌ في كل وقت بالعبادة والإكثار من الذكر والدعاء فلو كان من عمل المسلم أن يذكر الله ويدعوه في جوف الليل فلا حرج عليه أن يكون عمله فيها كعمله في سائر الليالي، وعلى المسلم أن يبادر لنزع الغل والشحناء وأن يخلص التوحيد لخالق السماء في ليلة النصف من شعبان وغيرها، لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “في ليلةِ النصفِ من شعبانَ يغفرُ اللهُ لأهْلِ الأرْضِ ، إلَّا لمشرِكٍ أوْ مُشَاحِنٍ“. [1] أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان فهو بدعة باتفاق أهل العلم والله ورسوله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: اعمال ليلة النصف من شعبان وما فضلها 1444
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان ابن باز
ورد عن الشيخ ابن باز في مسألة الاحتفال بليلة النصف من شعبان أنه أفتى ببدعيتها وتحريمها، فبحسب قوله أن الإسلام نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- كاملًا لا نقص فيه، ومحاولة الناس في إضافة أعمالٍ صالحة وعبادات محرم ولا يجوز بل هو من الابتداع، وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. [3]
وقد نبّه النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على خطر الإحداث في الدين والبدعة فيه، فكل بدعةٍ ضلالة، والبدعة هي الإتيان بعملٍ لم يرد فيه نص شرعي ودليلٌ صحيح، ومن البدع التي أحدثها بعض الناس الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها بالصيام وليلتها بالقيام والذكر والدعاء المعين، وهذا مما لا يجوز شرعًا، وقد نبّه الشيخ إلى أن كل ما ورد في فضل العمل في ليلة النصف من شعبان ضعيف ولا يؤخذ به والله ورسوله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: صلاة ليلة النصف من شعبان وأعمالها وأحكامها
هل يجوز الاحتفال بليلة النصف من شعبان بتوزيع الحلوى
أكّد أهل العلم على أنه لا يشرع في الدين الإسلامي احتفالٌ بليلة النصف من شعبان مهما كانت طريقة الاحتفال، أو ما يسميه بعض الناس إحياء ليلة النصف من شعبان، فلا يشرع الاحتفال ولا تخصيصها بصلاة أو ذكر أو تلاوة قرآن أو توزيع حلوى وطعام دون غيرها من الليالي، فلم يرد في السنة النبوية الصحيحة أي دليلٍ يشرّع تخصيص هذه الليلية، لذلك لا يجوز للمسلم أن يقوم بصناعة الحلوى أو شرائها أو توزيعها في هذه الليلة، بل من واجبه الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- والالتزام بما جاء في سنته والبعد عن مخالفته في كل شيء والله ورسوله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: كيفية قيام ليلة النصف من شعبان
أقوال العلماء في الاحتفال بليلة النصف من شعبان
تعددت أقوال أهل العلم في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، لكن على الرغم من كثرتها إلا أنها أجمعت على تحريم إحياء نصف شعبان أو الاحتفال فيها أو تخصيصها بعمل وعبادة دون غيرها من سائر الليالي، ومما ورد من أقوالٍ لأهل العلم فيها ما يأتي:[6]
- قال الشيخ ابن عثيمين: “حتى ليلة النصف من شعبان لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم شيء من تعظيمها أو إحيائها”.
- قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: “لا يجوز الاحتفال بمناسبة ليلة القدر ولا غيرها من الليالي ولا الاحتفال لإحياء المناسبات؛ كليلة النصف من شعبان، وليلة المعراج، ويوم المولد النبوي؛ لأن هذا من البدع المحدثة التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه”.
- قال الشيخ ابن باز: “ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها”.
- قال الإمام النووي: “الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: قوت القلوب، وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك”.
شاهد أيضًا: هل ترفع الأعمال في ليلة النصف من شعبان
هل يوجد أدلة على فضل ليلة النصف من شعبان؟
وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة في فضل ليلة النصف من شعبان ومكانتها، ولكن منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها المكذوب، ومن جملة ما رود فيها ما يأتي:[7]
- عن أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ تعالى لَيطَّلِعُ في ليلةِ النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلْقِه ، إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ“. [8]
- عن أبو ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ“. [9]
- من الأحاديث الضعيفة ما ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا كانت ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها وصوموا يومَها فإنَّ اللهَ تبارك وتعالَى ينزِلُ فيها لغروبِ الشَّمسِ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيقولُ ألا من مستغفرٍ فأغفرَ له ألا من مسترزِقٍ فأرزُقَه ألا من مبتلًى فأعافيَه ألا كذا ألا كذا حتَّى يطلُعَ الفجرُ“. [10]
شاهد أيضًا: ما هي ناصفة شعبان؟ موعدها وتسميتها وحكمها والعمل فيها
بهذا نصل لنهاية مقال حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيصها للعبادة، والذي تم من خلاله تسليط الضوء على مسألة احتفال المسلمين في ليلة النصف من شعبان وإحيائها هل هي بدعة، وبيان أقوال أهل العلم فيها، وتقديم أدلة في فضل ليلة النصف من شعبان.