حكم تربية الحمام وهل مربيها لا تقبل  شهادته وشروط تربية الحمام

يحيى شامية 3 ديسمبر 2023 , 20:45

حكم تربية الحمام وهل مربيها لا تقبل  شهادته، فقد شاع بين المسلمين تربية الحمام على السطوح ولأغراض عدة، وهو من الأمور التي انتشرت منذ القدم، إلا أن من الضرورة لكل مسلم أن يعرف الحكم الشرعي لهذه المسألة والتي بمعرفته لها سيحفظ حق نفسه وحق الناس من جيرانه وحق الحمام ذاته، وسيبعد نفسه عن الوقوع فيما حرّم الله، ومن خلال موقع أطروحة سيتم بيان هل يجوز تربية الحمام ومعنى حديث شيطان يتبع شيطانة.

تربية الحيوانات في الإسلام

إن الدين الإسلامي دينٌ يهتم بالمخلوقات جميعها حتى الحيوانات، فقد جعل للتعامل مع الحيوانات أحكامًا وضوابط مخصوصة، وعلى كلّ مسلم أن يتّبع ما أوضحه الشرع في التعامل مع الحيوان، والابتعاد عن كل ما نهى الله عنه في كتابه أو في سنة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- فلكل نوع من الحيوانات في مسألة تربيته أحكامًا خاصة حتى الطيور والحمام وضعت له الشريعة الإسلامية لمن يرغب بتربيته حكمًا خاصًا.

شاهد أيضًا: حكم الأضحية في عيد الأضحى

حكم تربية الحمام

إن تربية الحمام من الأمور التي كرّهها بعض أهل العلم وحرّمها آخرون وأباحها فريقٌ منهم بشروط عدة، إلا أنّه لم يرد فيها نصٌ يحرمها تحريمًا قاطعًا، ولم يرد فيها ما يبيحها إباحةً تامة، وقد فصل أهل العلم في ذلك فقالوا لو كانت تربية الحمام لمجرد الاستئناس بها، والابتهاج من وجودها في المنازل أو تربيتها للأكل أو للتجارة بها فتربيتها مباحة ولا حرج في ذلك.

أما إن كان من يربيها يطيرها ويكون في ذلك ضرر على الناس وعلى الجيران ويكشف بذلك عورات الناس، أو يؤذيهم بالحجارة ونحو ذلك أو تلهيه عن ذكر الله فهذه الصورة من تربية الحمام منهيٌ عنها، ففيها ضررٌ على النفس وتضييعٌ لحق الحمام وضرر على الجيران وتضييعٌ لحقوقهم والله أعلم.[1]

حكم تربية الحمام ابن عثيمين

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تربية الحمام، فأخبر أنه لا حرج على المسلم أن يربي الحمام في أقفاص، وحتى الطيور، ولكن يحرص على أن يوفر لها ما تحتاجه من طعام وشراب، وتدفئة في أيّام البرد ونفيهم في أيام الحر، فقد دخلت امرأة النار في قطة حسبتها، لا هي أطعمتها ولا أرسلتها تأكل من حشائش الأرض، ولكن لا يجوز تطيير الحمام لما فيه من أذية للناس وتضييع للحقوق ونقص في مروءة صاحبه والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: حكم حلق الحواجب بالموس ابن باز

حكم تربية الحمام إسلام ويب

ورد في موقع إسلام ويب أن تربية الحمام للانتفاع به وبيعه جائز، في حال لم يحصل بذلك أي أذى للجيران، ولا تضييع لحق الحمام، وقد قيل في المبسوط: “فأما إذا كان يمسك الحمام في بيته يستأنس بها، ولا يطيرها عادة، فهو عدل مقبول الشهادة؛ لأن إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أن الناس يتخذون بروج الحمامات، ولم يمنع من ذلك أحد” والله أعلم.

صرف الوقت في تربية الحمام ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله  عن المسلم يقضي وقتًا في الاهتمام بحمامٍ يربيه، فأجاب أنه لا حرج على المسلم أن يربي الحمام بشروط معينة فلا تشغله عن طاعة الله، ولا يؤذي بها جيرانه، ولا تشغله عن واجب، ولا يضيع حق الحمام ولا حق العباد، ولا يطيرها فيسرق طيورًا غيرها ولا يكشف بسببها عورات الناس، فإذا تحقق ذلك لا حرج عليه والله أعلم.[3]

تربية الحمام وقبول الشهادة

ذهب جمهور أهل العلم أن مربي الحمام من غير تطيير تقبل شهادته، أما مربي الحمام ومطيّره تسقط عدالته وتسقط مروءته ولا تقبل شهادته، فالأصل في تربية الحمام أنها مباحة إن كانت للاستفادة من لحومها أو التجارة بها، أو لاستخدامها في المراسلة، أما تربيتها لتطييرها أمر مذموم شرعًا، فذلك سبب للسرقة، وتضييع الوقت والاطلاع على عورات الناس، ومن يفعل ذلك لا تقبل شهادته، وقد قال ابن القيم: ” وعلى الحاكم أن يمنع اللاعبين بالحمام على رءوس الناس , فإنهم يتوسلون بذلك إلى الإشراف عليهم , والتطلع على عوراتهم” وذكر ابن قدامة في المغني قال: “اللاعب بالحمام يطيرها , لا شهادة له ، وهذا قول أصحاب الرأي [الحنفية] ، وكان شريح لا يجيز شهادة صاحب حمَام ; وذلك لأنه سفه ودناءة وقلة مروءة , ويتضمن أذى الجيران بطيره , وإشرافه على دورهم , ورميه إياها بالحجارة”.[4]

متى تقبل شهادة مربي الحمام

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن شهادة مربي الحمام على وجه اللعب به ترد، فلا تقبل شهادته لشدة غفلته ولاطلاعه على عورات الناس، أما إن كان يربي الحمام ليأكل منه أو ليتاجر فيه فيبيعه لمن يأكل لحمه، أو يربيه ليستأنس به دون أن ينشغل بتطييره واللعب به، فالظاهر أنه لا ترد به الشهادة، حيث إن خوارم المروءة ترد بها الشهادة بحسب المكان والزمان، والأمر فيها يرجع إلى العرف والعادة والله أعلم.[5]

أقوال الفقهاء في تربية الحمام

وردت الكثير من الأقوال عن أهل العلم في مسألة حكم تربية الحمام وحكم مربي الحمام، ومن أبرز ما ورد ما يأتي:

  • قال النووي: “اتخاذ الحمام للفرخ والبيض، أو الأنس، أو حمل الكتب، جائز بلا كراهة، وأما اللعب بها للتطير، فالصحيح أنه مكروه، فإن انضم إليه قمار ونحوه، ردت الشهادة، كذا في المرقاة”.
  • قال ابن قدامة: “واللاَّعب بالحمام يُطيرها لا شهادة له؛ لأنَّه سفاهة ودناءة وقلَّة مروءة، ويتضمَّن أذى الجيران بطيْره، وإشرافه على دورِهم، ورمْيه إيَّاها بالحجارة”.
  • قال السرخسي: “فأمَّا إذا كان يُمسك الحمام في بيتِه يستأنس بها ولا يطيرها عادة، فهو عدْل مقبول الشَّهادة؛ لأنَّ إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أنَّ النَّاس يتَّخذون بروج الحمامات ولم يمنع من ذلك أحد؟!”.
  • قالَ حَرْبٌ: “سَمِعْتُ أحْمَدَ قال: لا بَأْسَ أنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ الطَّيْرَ في مَنْزِلِه، إذَا كَانَتْ مَقْصُوصَةً لِيَسْتَأْنِسَ إلَيْها، فَإنْ تَلَهَّى بها، فإنِّي أكْرَهُهُ، قُلْت لأحْمَدَ: إن اتَّخَذَ قَطِيعًا مِن الحَمَامِ تَطِيرُ؟ فكَرِهَ ذَلِكَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، ولم يُرَخِّصْ فِيه إذا كَانَتْ تَطِيرُ، وذَلِكَ أنَّهَا تَأْكُلُ أمْوَالَ النَّاس وزُرُوعَهُمْ”.

معنى حديث شيطان يتبع شيطانة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً ، فقال : شيطانٌ يَتْبَعُ شيطانة“. [صحيح أبي دود/  4940] حيث يحرص الشيطان على أن يشغل الإنسان عن الأمور العظيمة بالعبث واللهو. وفي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يتبع حمامة، أي: يمشي خلفها لاعبا بها، فقال: شيطان. أي: يعمل بعمل الشياطين، من اللهو الباطل، والبعد عما يفيده، يتبع شيطانة، أي: إنها شغلته عن الحقّ كما يفعل الشيطان، والله أعلم.[6]

شروط إباحة تربية الحمام

بالاطلاع على أقوال  أهل العلم في مسألة تربية الحمام فإنه يمكن القول أن ثمّة شروط معينة لتكون تربية الحمام مباحة، ومن أبرز تلك الشروط ما يأتي:

  • أن لا ينشغل مربي الحمام بها ولا ينخرط باللعب عن الواجبات الشرعية والفرائض، وأن يضيع الحقوق بسبب كثرة جلوسه أمام الحمام، كأن يضيع حق والديه وزوجته وأبنائه.
  • أن يحرص على تطيير الحمام مطلقًا.
  • أن لا يشرف على بيوت الجيران ولا يطلع على عوراتهم.
  • أن لا يقوده تربية الحمام إلى سرقة طيور الناس الآخرين، سواءً عن قصد أو غير قصد.
  • لا يؤذي الجيران برمي الحجارة عليهم ولا يؤذي زروعهم ولا غير ذلك.

بهذا نصل لنهاية مقال حكم تربية الحمام وهل مربيها لا تقبل شهادته، حيث تم التعرف على رأي الشريعة في تربية الحمام، وحكم شهادة مربي الحمام، وتم التعرف على عديد الأحكام والمعلومات الشرعية حول هذه المسألة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *