هل يجوز الحج بالدين وما هو حكم حج المدين

هل يجوز الحج بالدين وما هو الحكم الشرعي للحج لمن يحج وعليه دين للناس، فالحج ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، وهو من أعظم العبادات وأجلها، وقد خصّ الإسلام الحج بعديد الأحكام الشرعية، فهو لا يجب على المسلمين إلا بشروط معينة وأمور لا بد من تحقيقها وهي شروط الوجوب، ولو وجب فهو واجبٌ مرّة واحدة في العمر على المسلم البالغ القادر المكلف، ومن خلال موقع أطروحة سيتم بيان حكم حج المدين وحكم حج من عليه دين وكذلك حكم الاقتراض للحج.

هل يجوز الحج بالدين

ذكر أهل العلم الاستدانة من أجل أداء الحج جائزة لمن يقدر على الوفاء بالدين والحج يكون صحيحًا، ولكن الأولى أن لغير المستطيع ألا يستدين للحج، فقد ذكر ابن أبي شيبة عن طارق بن عبد الرحمن في كتاب المصنف قال: “سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يُسْأَلُ , عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَقْرِضُ وَيَحُجُّ ؟ قَالَ : يَسْتَرْزِقُ اللَّهَ ، وَلاَ يَحُجُّ” والشيخ ابن عثيمين سُئل عن ذلك فقال: “فلا أرى أن يستدين ليحج؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه. والذي ينبغي له أن يقبل رخصة الله سبحانه وتعالى وسعة رحمته، ولا يكلف نفسه ديناً، لا يدري هل يقضيه أم لا ؟ ربما يموت ولا يقضيه؛ فيبقى في ذمته”.

فلا بأس للمسلم أن يقترض شيئًا إن كان عنده ما يسدد به عند رجوعه من الحج، وأما إن كان يعرف أنّه لا يستطيع أن يسدد ما استقرضه فالأولى أن لا يستدين، فالحج غير واجبٍ عليه إن لم يملك مالًا يكفيه له، فمن شروط وجوب الحج الاستطاعة ومن ضمنها الاستطاعة المالية، والله ورسوله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: حكم التلبية في الحج والعمرة

حكم حج المدين

ذكر أهل العلم أنّ المسلم إن كان مدينًا وأراد أن يحج فالأولى له أن يؤدي حقوق العباد ويعطي أصحاب الدين ديونهم، فالدَّين إذا كان حالاً فإنه مقدم على الحج؛ لسبقه وجوب الحج فيوفي الدين ويحج، وإذا لم يكن عنده شيء بعد وفاء الدين ينتظر حتى يغنيه الله، وإذا كان مؤجلاً نظامياً فإن كان الإنسان واثقاً من نفسه أنه إذا حَلَّ الأجل يسدده  فإن الدين هنا لا يمنع وجوب الحج؛ سواءً أذن له الدائن أم لم يأذن، وإن كان لا يضمن القدرة على الوفاء فإنه ينتظر حتى يحل الأجل، ولكن لو استسمح صاحب الدي فإن الحج ليس واجبًا عليه، لأن صاحب الدين سوف يطالبه، غاية ما هنالك أن صاحب الدين يسمح له أن يقدم الحج فقط، فالمسألة أن يبرئ ذمته قبل أن يحج والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: حكم من فاتته صلاة العيد

هل يصح حج من لم يسدد دينه الإسلام سؤال وجواب

ورد في موقع إسلام سؤال وجواب أنّ المسلم لا ينبغي له السؤال عن قبول العبادات لأن القبول بيد الله سبحانه وتعالى إنما السؤال عن صحة العبادات واكتمال شروطها، والرجل الذي يحج وللآخرين في ذمته ديون حجه صحيح إذا أكمل الرجل أركانه وشروطه وواجباته، فليس من شروط صحة الحج المال أو قضاء الدين، لكن الأفضل للمسلم أن يسدّ ديونه قبل أن يحج، وأن يجعل ما سينفق من مال على الحج في سداد الدين، ولا يؤثر الاقتراض للمسلم على صحة الحج وحجه صحيح، لكن الحج غير واجبٍ عليه لأنّ من شروط وجوب الحج الاستطاعة، والمدين غير مستطيع، لأنه لا يملك المال اللازم الفائض عن حاجته، ولأصحاب الدين أن يمنعوا الرجل من الحج حتى يوفيهم ديونهم، والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: خطبة عن الظلم في الأشهر الحرم

حكم حج من عليه دين ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن الرجل يريد الحج وعليه دين لأناس آخرين، ما حكم ذلك، فأجاب بقوله رحمه الله:[4]

” نعم، يصح حجه لكن ينبغي له أن يبدأ بالدين، الدين أبدأ أهم حق المخلوقين أهم في هذا، والحج ما هو بواجب عليه إلا مع الاستطاعة وما دام مدين ليس عنده شيء يستطيع به قضاء الدين والحج فالله لم يوجب عليه الحج، والذي عليه دين حال وليس عنده ما يستطيع به قضاء الدين والحج غير مستطيع وغير مكلف بالحج، فيبدأ بالدين، ويعطي أهله إذا كان دينًا حالًا … يحج به يعطيه أهل الدين، فإن حج وتساهل ولم يعط أهل الدين حجه صحيح، ولكنه ترك ما ينبغي له، ترك الواجب عليه وهو البداءة بأهل الدين بحقوق الآدميين”.

هل يصح حج من عليه دين إسلام ويب

ورد في موقع إسلام ويب أنّ من حج وعليه دين فإن حجه صحيح، كما ورد عن أهل العلم، وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني قال: “إِنْ حَجَّ مَنْ تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْحُقُوقُ وَضَيَّعَهَا، صَحَّ حَجُّهُ ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّتِهِ، فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ فِعْلِ” وقد ورد عن اللجنة الدائمة للإفتاء أن من حج وعليه دين فحجه صحيح وكذلك أخبر الشيخ ابن عثيمين أنّ الحج يكون صحيحًا لكنه يأثم لأنه لم يؤدي حقوق العباد قبل حجه.[5]

اقرأ أيضًا: اذا احد حج وش اقول له

حكم حج من عليه دين ابن عثيمين

ورد عن السيخ ابن عثيمين جوابًا في مسألة حكم من حج وعليه دين في فتاوى نور على الدرب، قال فيها:[6]

“حـج من عليـه دين صحيح، ولكن لا يجب الحج على من عليه دين حتى يؤدي دينه؛ لأنه الله تعالى يقول: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾. والمدين الذي ليس عنده مال لا يستطيع الوصول إلى البيت، فيبدأ أولاً بقضاء الدين ثم يحج، والعجب أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يذهبون إلى العمرة أو إلى الحج تطوعاً من غير فريضة وهم مدينون في ذمتهم ديون، وإذا سألتهم لما تأتون بالعمرة أو الحج وأنتم مدينون؟ قالوا: لأن الدين كثير، وهذا جواب غير سديد، فنصيحتي لإخواني الذين عليهم ديون أن لا يأتوا لتطوع من حج أو عمرة؛ لأن قضاء الواجب أهم من فعل مستحب، بل حتى من لم يؤدِّ الفريضة من حج وعمرة لا يجب أن يؤدي الفريضة وعليه دين، لأن الدين سابق ولا يجب الحج أو العمرة إلا بعد قضاء الديون”.

شاهد أيضًا: ما حكم صيام اول يوم عيد

هل يجوز حج المدين الدكتور عبد الله بن جبرين

ورد عن الشيخ عبد الله بن جبرين أن الحكم في هذه المسألة فيه اختلاف بين البعيد والقريب من مكة، وبين الغرماء وحال المدين، فلو كان المدين قريبًا من مكة المكرمة كأن يكون من أبناء المملكة فالحج والعمرة لا يكلفانه كثيرًا، كألف ريال ونحوه، وهذا مبلغ قد لا يكون مؤثرًا في الدين ولا يمكن السداد به فوجوده وعدمه واحد، فلا مانع له من الحج به، أما إن كان من أهل الأمصار البعيدة والذين يكون عليهم الحج مكلفًا وتكاليفه قد تسد دينه أو تخفف من قيمته بنسبة كبيرة، فالأولى أن يسد الدين وأن يقدم السداد على الحج والله ورسوله أعلم.

بهذا نصل لنهاية مقال هل يجوز الحج بالدين، والذي تم من خلاله بيان عديد الأحكام الشرعية الهامة حول مسألة الحج لمن عليه دين، وحكم من اقترض بغية الحج، وبيّن هذا المقال من خلال موقع أطروحة أقوال أهل العلم وآرائهم في هذه المسألة.