هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة؟

هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة؟ فلقد شرع الله سبحانه وتعالى الحج وفرضه على عباده المسلمين، وجعل له مناسك وأعمال مخصوصة، ومنها الطواف في البيت العتيق، حيث يتقرب المسلمون من الله بالطواف، ويقيمون من خلاله ذكر الله ويلبون ويدعون، ويقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم في طوافه ودعائه وعمله، وقد جعل الله سبحانه للطائف بكل وضع قدم حطّ خطيئة وكتابة حسنة، ومن خلال موقع أطروحة سيتم بيان حكم جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع في الإسلام.

هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة؟

اختلف أهل العلم في مسألة هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة، فمنهم من قال أنّه لا يجوز لأنّ كلًّا من الطوافين مقصود لذاته فلا يكونان بطواف واحد، وطواف الوداع يكون بعد انتهاء مناسك الحج كلّها، ومن أهل العلم من قال أنّ الجمع بينهما جائز وذلك لأن طواف الوداع لا يُقصد لذاته إنما الحكمة منه أن يتم توديع البيت بالطواف فيه، والراجح أنه لو جمع الحاج بين الطوافين فذلك يجزئه والله ورسوله أعلم.[1]

مفهوم الطواف

يعرف الطواف في اللغة العربية أنّه الدوران حول الشيء، وفي الاصطلاح الشرعي يعرف أنّه الدوران حول الكعبة بصفة وكيفية مخصوصة تعبدًا لله سبحانه وتعالى، وهو من العبادات المشروعة في الإسلام، وله فضلٌ عظيم وأجرٌ كبير عند الله سبحانه وتعالى، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “إنْ أفعلْ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: إنَّ مَسْحَهُما كفَّارةٌ لِلخطايا وسَمِعْتُهُ يَقولُ مَنْ طافَ بِهذا البيتِ أُسْبُوعًا فأَحْصاهُ كان كَعِتْقِ رَقَبَةٍ وسَمِعْتُهُ يَقولُ لا يَضَعُ قَدَمًا ولا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللهُ عنْهُ خَطِيئَتَهُ وكُتِبَ له بِها حَسنةٌ”. [2]

شاهد أيضًا: حكم التلبية في الحج والعمرة

طواف الإفاضة وحكمه

يمكن تعريف الإفاضة لغويًا أنه الزحف والسير بكثرة، والإفاضة هي الصب فيقال أفاض الماء أي صبّه، ويكون إفاضة الحجيج يوم النحر يفيض الحاج من منى إلى مكة فيطوف وسمي لذلك طواف الإفاضة، ويعدّ طواف الإفاضة ركن من أركان الحج التي لا يصح الحج بدونها أبدًا ولا يمكن أن ينوب عنه شيء من الأعمال، ويشترط به أن يكون بعد الوقوف بعرفة.[3]

طواف الوداع وحكمه

إن طواف الوداع هو الطواف الذي يقوم به الحجيج في نهاية النسك، وقبل خروجهم من مكة، وهو واجب على الحجيج عند الانتهاء من أعمال الحجّ جميعها، وهو قول جمهور أهل العلم من الأحناف والشافعية والحنابلة، ولا يكون واجبًا على المعتمر إنما على الحاج فقط والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: أحاديث صحيحة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

هل يجوز الجمع بين طواف الافاضة والوداع

لا بدّ عند المرور على مسألة الجمع بين طواف الإفاضة والوداع أن يتمّ بيان أن القارن والمفرد ليس عليهما إلا سعي واحد وطواف واحد، وهو طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الإسلام، أما طواف الوداع فهو ليس ركنًا إنما واجب ويجبر تركه بدم، وقد ذكر أهل العلم أن طواف الإفاضة يستحب للحاج أن يؤديه في يوم النحر، ولكن يجوز له أن يؤخره إلى آخر أفعال الحج، وفي هذه الحال يمكن أن يقوم مقام الإفاضة والوداع معًا، فالمقصود بطواف الوداع أن يكون الطواف آخر عهد المسلم في البيت الحرام، فلو أن المسلم نواهما معًا لا حرج عليه والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: احاديث عن فضل يوم عرفة

حكم جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع لابن باز

عرضت مسألة هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة؟ على الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، فأجاب عن ذلك بقوله:[5]

“لا حرج في ذلك، لو أن إنسانًا أخر طواف الإفاضة فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع، وإن طافهما -طواف الإفاضة وطواف الوداع- فهذا خير إلى خير، ولكن متى اكتفى بواحد ونوى طواف الحج أجزأه ذلك”.

طريقة الجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع

إذا أراد المسلم أن يجمع بين طوافي الإفاضة والوداع على القول الراجح عن أهل العلم بجوازه، فإنه ينبغي له أن يعقد النية بذلك، أو يعقد النية عن طواف الإفاضة عند تأخيره فيجزئه عن طواف الوداع، أما لو نوى نية طواف الوداع فإنه لا يجزئه عن الإفاضة، فالواجب لا يغني عن الركن لكن الركن يغني عن الواجب، فمن نوى طواف الوداع عليه أن يطوف طواف الإفاضة منفردًا بعد انتهائه من طواف الوداع ولو خرج من مكة يرجع إليها ليؤديه والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: هل الحج واجب على الأطفال

من يسقط عنه طواف الوداع

إذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الوداع يسقط عنها باتّفاق أهل العلم، فالحائض لا يباح لها الطواف في البيت أثناء حيضها، حيث يسقط عنها طواف الوداع دفعًا للمشقة، والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: ان الله يهبط يوم عرفة

في ختام مقال هل يجوز للحاج الجمع بين طوافي الوداع والإفاضة؟ تمّ التعرف على معنى الطواف في اللغة والاصطلاح، وبيان حكمه، وتم التعرف على طواف الإفاضة وطواف الوداع وحكمهما، وتوضيح عديد الأحكام الشرعية حولهما.