واجبات المرأة تجاه زوجها في الشريعة الإسلامية ، فمع تغلغل الثقافات الغربية المنحلة والأفكار النسوية المبعدة عن الدين والبعيدة كليًا عن الشريعة بل تعارضها وتحاربها، لا بدّ من توضيح دور الزوجة في الأسرة وموقعها بالنسبة للرجل صاحب القوامة وقائد الأسرة وسيدها، ومن خلال موقع أطروحة سيتم تسليط الضوء على ما يجب على الزوجة تجاه زوجها وما يترتب عليها من حقوقه التي تفوق حقوق والديها عليها.
حقوق المرأة في الإسلام
جاء الإسلام مكرمًا المرأة في كل أحوالها وحالاتها، فهي إن كانت أمًا وجب برّها والإحسان إليها، واقترن رضاها في الإسلام برضا الله على العبد، وجعل الإسلام أسهل طريق للجنة وأسرعه يكون عن طريقها، بل وأوجب الله الغضب على من يعقها ويحرمها حقوقها ويسيء إليها، ولها النفقة على ولدها والإحسان وغيره.[1]
أما لو كانت زوجة فقد جاء الإسلام موصيًا خيرًا بالزوجات، فأمر بحسن معاشرتهن، وأكد على حقوقهن، وقد بيّن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن خير المسلمين هم الذين يحسنون معاملة زوجاتهم، وقد حرّم الله على المسلم أن يأخذ مال زوجاته دون رضاهن، وجاءت الوصية بالزوجات في الكثير من المواضع في القرآن والسنة النبوية الشريفة.
أما لو كانت المرأة بنتًا، فقد أمر الإسلام على تربيتها أحسن التربية، وتعليمها أفضل العلوم، وحث وشجع على الإحسان إليها، بل وجعل لمن يحسن لبناته ويحسن تربيتهن أجرًا عظيما، بل من أحسن لبناته في التربية كن له حجابًا من النار وسببًا لدخول الجنة، ثم تأتي النسويات ليقلن أن الإسلام أهان المرأة، وما أهانها إلا أفكارهم المشينة والمهينة والهابطة والله ورسوله أعلم.
شاهد أيضًا: الزوجة المثالية في عيون الرجال
واجبات المرأة تجاه زوجها
إن حق الزوج على زوجته وواجبها تجاهه من أعظم الحقوق على الإطلاق، وحق الرجل على زوجته أعظم من حقها عليه، وذلك لما جاء في القرآن الكريم في سورة البقرة في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. [2] ولعل أبرز الواجبات المترتبة على الزوجة تجاه سيدها ما يأتي:[3]
- يجب على الزوجة طاعة زوجها بكل أمرٍ مباح ولا يتقدم على أمر زوجها أي أمر، لا أمر والديها ولا أمر أختها ولا أمر جارتها، ولا فكر النسويات المنحرف، فالرجل سيد المرأة وآمرها، فهو القوام عليها بالرعاية والتوجيه، وعليه ما على ولاة الأمر تجاه رعيتهم، وعلى المرأة ما على الرعية تجاه ولاة أمورهم، فالرجل مخصوص بالقوة الجسدية والجسمية والعقلية وهو ملزم بالمرأة وهي ملزمة بطاعته في كل شيء دون المعصية، ولا يحق لها أن تضع نفسها موضع الند بالند له أبدًا.
- يجب على المرأة أن تمكّن زوجها من الاستمتاع بها إن كانت أهلًا للجماع، في أيّ وقتٍ طلب، ولا يشغلها عن ذلك شاغل أبدًا لا عملها إن كانت عاملة ولا أطفالها إن كان لديها أطفال ولا غير ذلك، ولو امتنعت عن تلبية زوجها في طلبه إلا بعذرٍ شرعي كالحيض وصيام الفريضة أو المرض المانع، فإنها وقعت في كبيرةٍ من الكبائر، بل لو بات زوجها وهو غضبان عليها بعد رفضها له ستلعنها الملائكة حتى تصبح، وهذا ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري.
- على الزوجة أن لا تسمح لأحدٍ يكرهه الزوج من دخول بيته أيًا كان ذلك الشخص حتى لو كان أقرب الناس لها، فإن كان يكرهه الزوج أو يكره دخوله بيته فلا يحل لها أن تستقبله في بيت زوجها.
- لا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها لأي غرضٍ كان، ومهما كان السبب، فلو منعها زوجها أو لم يأذن لها لا يحل لها الخروج، بل إن السادة الحنابلة والسادة الشافعية قالوا أنها لو أرادت زيارة أبيها المريض وهو أبوها، فمنعها زوجها من ذلك لا يجوز لها أن تخرج لزيارة أبيها، لأن طاعة الزوج واجبة على الزوجة.
- على المرأة أن تتأدب مع زوجها في وجوده وفي غيابه، وللزوج الحق الشرعي في تأديبها بالضرب، فلو أمرها بأمرٍ لا يخالف أمر الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجاءت بغير أمره له أن يؤدبها، وجاء في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.[4] فالضرب جاء من باب التأديب.
- على الزوجة أن تخدم زوجها وجوبًا لا شك فيه، على عكس ما تروج له النسويات والتوجهات الفكرية الغربية، وقد جاء عن أهل العلم أن خدمة الزوجة لزوجها في البيت واجبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسّم الأعمال بين علي وفاطمة، فكان نصيب علي العمل خارج البيت، ونصيب فاطمة الأعمال الداخلية فيه من طبخ وتنظيف وكنس ونحوه، وذكر أهل العلم أن المرأة ملزمة بالأعمال الباطنة في المنزل وعلى الأقل ما جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها، واستدلوا بذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه بالإطعام وغيره من أوامر العمل في المنزل، وقد أكد العلماء لزوم المرأة خدمة زوجها ما لم تشترط في عقدها أن لا تخدمه أو كانت من أشراف وعلية القوم وكان لها خدمًا وحشمًا ونحو ذلك، أما أن تترك المرأة خدمة زوجها وبيتها وتهمل نظافة المنزل وترتيبه وإعداد الطعام، لأنها سمعت بعض المذيعات المتبرجات، أو النجمات أو المغنيات اللاتي في مجموعهن مفسدات لدين المرأة أنها لا تخدم زوجها لأنها امرأة قوية فهي آثمة وهن آثمات إن كن مسلمات، ولا ينبغي للمرأة أن تأخذ الكلام من أفواه السفهاء وتعمل به فتخسر دينها ودنياها.
- من واجب المرأة تجاه زوجها أن تسلمه نفسها إن استوفى عقد النكاح بينهما شروطه وكان صحيحًا، لأن ذلك حق كبير من حقوق الزوج، ويقابله حق المهر للزوجة.
- على الزوجة أن تكون معاشرةً لزوجها بالمعروف، فبعد طاعته والتأدب معه وخدمته وتقديم حقه عليها أن تحسن إليه بزيادة الإحسان والبر والتودد وحسن العشرة، والله ورسوله أعلم.
شاهد أيضًا: حقوق الزوجة بعد الطلاق في الإسلام
ما يجب على المرأة تجاه زوجها حال الاستمتاع
على الزوجة أن تكون مطيعة لزوجها في الاستمتاع بها، بكل ما هو مباح دون معصية، وهذا الأمر يندرج تحت وجوب طاعته، وحق الزوج في الطاعة، فلو أمرها الزوج بأمرٍ عليها أن تنفذ ما لم يعارض أمر الله وأمر نبيه، وعلى الزوجة كما فصل أهل العلم أن تطيع زوجها بكل ما يرتبط بعد الزواج ومتطلباته ومتعلقاته، وتطيعه في ترك المحرمات وفعل الواجبات، فلو أمرها بنظافةٍ أو عطرٍ أو زينة وجب عليها أن تجيب والله ورسوله أعلم.
حق الزوج في الإسلام
جاءت النصوص الشرعية ووافقها أقوال أهل العلم والدين على أن فضل الزوج وحقه عظيم على زوجته، بل إن حقه مقدمٌ على سائر الحقوق إن تعارضت، فهو في المقام الأول حتى قبل الوالدين، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أَذاتُ زوجٍ [ أنتِ ] ؟. قالت : نعم. قال : كيف أنتِ له ؟. قالت : ما آلوه إلا ما عَجزتُ عنه. قال : فانظُري أين أنتِ منه؛ فإنه جنَّتُكِ ونارُكِ”. [5] وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا يَصْلُحُ لبَشَرٍ أن يسجدَ لبَشَرٍ، ولو صَلَحَ أن يسجدَ بشرٌ لبَشَرٍ، لَأَمَرْتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها من عِظَمِ حَقِّهِ عليها، والذي نفسي بيدِه، لو أَنَّ من قَدَمِهِ إلى مَفْرِقِ رأسِه قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بالقَيْحِ والصَّدِيدِ، ثم أَقْبَلَتْ تَلْحَسُه، ما أَدَّتْ حَقَّه“.[6] بل وقد أخبر خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام أن المرأة لو ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة، فأين نساء المسلمين اليوم من شريعة الإسلام وأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
شاهد أيضًا: تفسير حلم الزعل بين الزوجين في المنام لابن سيرين
حكم خدمة الزوجة لأهل زوجها
لا يلزم المرأة أن تخدم أهل زوجها أبدًا، فلا يجب عليها ذلك، إلا أن يكون معروفًا أو تبرعًا من الزوجة بذلك، فهي لو قامت بخدمة أهل زوجها من باب برها به وإحسانها إليه فلها أجرها فذلك من باب حسن العشرة للزوج بفعل ما يحب من الإحسان لوالديه، ولكن عدم الخدمة لوالديه لا يعني أن تمتنع عن الإحسان إليهما، فحق المعروف موجود، وهو من أسباب المودة بين الزوجين، فتراعي الزوجة أم زوجها وتبرها وتحسن إليها بالقول الحسن وتطييب الخاطر ونحوه.
حكم خدمة المرأة لزوجها
حكم النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في هذه المسألة، وذلك عندما احتكم إليه علي وفاطمة رضي الله عنهما واشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بنت رسول الله بالخدمة الباطنة، من خدمة البيت ونحوه، وحكم على علي رضي الله عنه بالخدمة الظاهرة، وقد ذكر أهل العلم أن الخدمة الباطنة تكون من عجين وطبخ وفرشٍ وكنسٍ وتنظيف وجلب الماء والاهتمام بالبيت كله، ، فخدمة الزوجة لزوجها واجب عليها في الصحيح والراجح، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يجب على الزوجة خدمة زوجها في كل شيء، وآخرون قالوا تخدمه في شؤون البيت أو بعض شؤونه، فلو تركت الزوجة ذلك وقام الزوج يفعله فكنس وطحن وعجن وغسل وفرش ورفّه عنها كان كمن أعطاها القوامة وهذا يخالف شرع الله، فيكون هو الخادم وهي السيدة وهذه هي القوامة المكتوبة للرجل ولا ينبغي للمرأة أن تنازعه فيها.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن المهر يكتب على الرجل مقابل قضاء وطره من زوجته، ولكن الزوجة تقضي وطرها منه أيضًا فيكون المهر والنفقة والكسوة والمسكن على الرجل مقابل استمتاعه بها وخدمتها له، ولو امتنعت النسوة عن خدمة البيت والأزواج لفسد الزواج برمته غالبًا، ولو لم يكن فيه منفعة لما حكم النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة بالخدمة الداخلية لزوجها، وهو الذي لا ينطق عن الهوى والله ورسوله أعلم.
واجب المرأة عند تزوج زوجها بثانية
على المرأة وجوبًا أن تصبر وتحتسب وتحسن لزوجها وزوجته عند زواجه بثانية، ولا يجوز لها الإساءة إليه أو لزوجته مطلقًا، فزواج الرجل بامرأتين أو ثلاث أو أربع حق له بحكم الشريعة، على أن يلتزم بالعدل المادي وقدرته على القيام بشؤون زوجاته، ولا يوجد شروط مرتبطة بالزوجة الأولى كموافقتها أو أن بها عيبًا أو نحوه ليتزوج الثانية، بل لو كانت أفضل زوجة في الوجود وأراد الزواج بغيرها فله ذلك، ولا يجوز لها طلب الطلاق لهذا السبب، بل إن فعلت ذلك دخلت في الوعيد الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ“. [7] فهي لن تحرم الجنة فقط بل لن تشم ريحها، وهذا من غضب الله عليها وعذابه لها، ولو كرهت المرأة تشريع التعدد وقالت أن الواحدة أفضل فإن أهل العلم قالوا أن ذلك اعتراض على حكم الله وتشريعه، وهذا من المروق من الدين، فمن واجب المرأة الصبر على زواج زوجها، وأن تقابل هذا الأمر بمزيد من الإحسان للزوج وزوجته، وأن تكظم غيظها، وأن لا تستمع لجاراتها ولبرامج الإفساد الإجتماعي الذي يقول أن التعدد ظلم وأنها مسكينة ونحو ذلك من أنها مظلومة ولا تستحق فكل ذلك من الشيطان، فواجبها الرضا أولًا، وعدم الاعتراض على شرع الله، ومن المؤسف في هذا العصر أن النساء لا يعترضن على ارتكاب الزوج الفاحشة مع أخرى بقدر ما يعترضن على زواجه بالحلال من أخرى.
وعلى المرأة أن تعلم أن الزواج والتعدد من شرع الله الذي فيه خير للعباد وحاشا لله أن يشرع ما فيه ضرر وسوء على عباده، فهو من أسباب عفة الزوج والزوجات الأربع، والزواج من أبواب نيل الأجر فمن تزوج ابتغاء العفة وتنفيذًا لشرع الله وأمره كان له أجر، كالذي يفعل الحرام فيكون عليه وزر، وكذلك فإن كثرة الزيجات من أسباب كثرة المسلمين وقوتهم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالزواج من الولود من النساء وذلك لأنه مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة، وهذا ما على نساء المسلمين أن يقرأوه ويتعلموه ويفهموه بعيدًا عن الأفكار الحديثة المشوهة المكتوبة بيد إبليس عينه.[8]
الزوجة الصالحة
إن الزوجة الصالحة هي الزوجة التي تتقي الله في نفسها وزوجها في السر والعلن، وفي اليسر وفي العسر وفي الفرح وفي الحزن، وتفعل ذلك بأن تكف الزوجة عن قول الزور والكذب والغش واللغو والغيبة والنميمة والاسترجال والمشي للحرام أو قوله أو النظر إليه، والمرأة الصالحة هي التي تطيع زوجها وتحصن فرجها، والتي تستجيب له بما يأمرها من المباحات، فالزوجة الصالحة المؤمنة هي التي تحفظ أمر زوجها في حضوره وغيابه، وتتحلى معه ومع غيره بحسن الخلق والأدب، وتكون على صلة بالله تعالى الراضية بأمره وبقضائه، وهي التي تكون مربية صادقة للأبناء على الإسلام والقرآن وحسن الخلق، والزوجة الصالحة هي التي تسعى لزواج زوجها بأخرى وبأخرى وبأخرى، بل تساعده وتسانده لذلك والله ورسوله أعلم.
في الختام فإن واجبات المرأة تجاه زوجها كبيرة وعظيمة، وهي من الأمور التي نسيتها نساء المسلمين اليوم مع الأسف، ولذلك لا بدّ من التذكير بها فإن الذكرى تنفع المؤمنين.