ما هو الشذوذ في الإسلام وما هو حكمه وما هي أضراره
ما هو الشذوذ في الإسلام وما هو حكمه، فالشذوذ من أحدث المواضيع التي تثير اهتمامات الناس بمختلف أديانهم، حيث ومع الأسف الشديد انتشرت هذه الظاهرة والجريمة النكراء في العالم، ويحاول الإعلام أجمع بالترويج لها، وجعلها أمرًا متقبلًا في المجتمع، بل دفع الشباب والشابات للدخول بها وتشجيعهم عليها، وبهذا النسق بعد عدة أعوام ستجد الشاذ هو القويم، وستجد القويم شاذًا وغريبًا، إلا أن موقع أطروحة يهتم بتسليط الضوء على قضية الإسلام والشذوذ الجنسي، وما هو الشذوذ من وجهة نظر الإسلام.
ما هو الشذوذ في الإسلام
يعرف الشذوذ أو الشذوذ الجنسي أنّه ميل الرجل إلى الرجل دون النساء، وميل المرأة للمرأة دون الرجال، ويتبع ذلك استمتاعٌ محرم لمسًا أو وطئًا أو نظرًا، والشذوذ من الفواحش المنكرة التي ابتلي فيها قوم لوط واستحقوا بها العقاب والهلاك، وقد وردت الكثير من الألفاظ في اللغة العربية التي تعبر عن هذا المعنى، كاللواط والسحاق وإتيان البهائم والأموات، وغير ذلك من المصطلحات التي تشير للشذوذ بأشكاله، واستخدام مصطلح الشذوذ يعبر عن كل تلك الأفعال المستقذرة والمستقبحة للغاية، وهذا الفعل ناتج تمامًا في الوقت الحاضر عن الانفتاح على ما يريده الغرب من المسلمين الانفتاح عليه، ويحاول الغرب اليوم تنميق هذه الأفعال القبيحة بتعريفها بتعريفات منمقة وجذابة، واستبدال تسميتها بالمثلية، ووصف هذه الأفعال الشاذة بالحرية الشخصية، وسنّ القوانين التي تمنع الأهل من توجيه أبنائهم للتصرفات السليمة والقويمة.
وقد قال تعالى في كتابه العزيز عن عمل قوم لوط: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}. [سورة النمل الآيات 54-58]
شاهد أيضًا: ما حكم الاجهاض في الاسلام
حكم الشذوذ في الإسلام
الشذوذ من أعظم الجرائم وأقبح الذنوب وأقبح الأفعال التي تنافي الفطرة السليمة، بكل أشكاله لواطًا كان أو سحاقًا أو إتيان الدواب، وقد حرّم الإسلام هذا الفعل تحريمًا قطعيًا، وعاقب الله سبحانه وتعالى فاعليه بما لم يعاقب به أيّة أممٍ غيرهم، وهذا الفعل هو انتكاس وخلل بالفطرة السليمة، وغياب البصيرة والعقل، وذهاب الدين، وقد أجمع الصحابة الكرام على قتل الشاذ، سواءً كان فاعلًا أو مفعولًا به، واختلفوا في طريقة قتله، وقيل أنّه يحرق بالنار وقيل يرمى من شاهق ويتبعه الناس بالحجارة، وقيل يرجم بالحجارة حتى الموت، والعقوبة القاسية لهذا الفعل تدل على شناعته وعظيم جرمه فلا يجوز للمسلم حتى أن يفكر فيه.[1]
شاهد أيضًا: حكم تربية الحمام وهل مربيها لا تقبل شهادته
حديث القرآن والسنة عن عقوبة الشذوذ
ورد في كتاب الله الكريم وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الكثير من الآيات والأحاديث التي تشير عقوبة الشذوذ في الدنيا والآخرة، ولكن في القرآن الكريم ورد ما تمّ به عقاب الأمم السابقة التي أتت بهذا الفعل وفي السنة الشريفة جاء الأمر بالعقاب لمن يفعل هذا الأمر ومما ورد ما يأتي:
- قال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.[سورة الحجر: الآيات 72-74]
- قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}. [سورة هود الآية 82-82]
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَن وجدتُموهُ يَعملُ عَملَ قومِ لوطٍ فاقتُلوا الفاعلَ والمفعولَ بِه”. [صحيح ابن ماجه: 2091]
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعَنَ اللهُ مَن غيَّرَ تُخومَ الأَرضِ، لعَنَ اللهُ مَن ذبَحَ لِغَيرِ اللهِ، لعَنَ اللهُ مَن لعَنَ والِدَيْه، لعَنَ اللهُ مَن توَلَّى غَيرَ مَواليه، لعَنَ اللهُ مَن كمَّهَ أَعمى عن السَّبيلِ، لعَنَ اللهُ مَن وقَعَ على بَهيمَةٍ، لعَنَ اللهُ مَن عمِلَ عَمَلَ قَومِ لوطٍ، لعَنَ اللهُ مَن عمِلَ عَمَلَ قَومِ لوطٍ. ثَلاثًا”. [تخريج المسند: 2913]
شاهد أيضًا: حكم حلق الحواجب بالموس ابن باز
موقف الفقهاء من عقوبة الشذوذ
اختلف أهل العلم في مسألة عقوبة الشذوذ، فجاء فيها ثلاثة أقوال، حيث ذهب أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير والإمام أحمد والشافعي أنّ عقوبته تكون القتل في كلّ حال، أما أبو حنيفة فقال أن عقوبته أخف من عقوبة الزاني وهي التعزير، وقال الشافعي في ظاهر قوله والإمام أحمد إلى أن عقوبة الشاذ كعقوبة الزاني.
وقد ورد عن ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى قال: “وفي السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. ولهذا اتفق الصحابة على قتلهما جميعًا، لكن تنوعوا في صفة القتل؛ فبعضهم قال: يرجم. وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار في القرية ويتبع بالحجارة. وبعضهم قال: يحرق بالنار. ولهذا كان مذهب جمهور السلف والفقهاء أنهما يرجمان بكرين كانا أو ثيبين، حرين كانا أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكًا للآخر، وقد اتفق المسلمون على أن من استحلها بمملوك، أو غير مملوك فهو كافر مرتد”.[2]
شاهد أيضًا: حكم إعاذة من استعاذ بالله
الشذوذ الجنسي وأحكامه ومدى اعتباره مرضا نفسيا إسلام ويب
لا خلاف بين أهل العلم على حرمة الشذوذ بكلّ أنواعه وأشكاله، وقد اختلف أهل العلم في عقوبته، فاللواط حده القتل في القول الراجح والسحاق عقوبته التعزير، وكلاهما حرام، وهذا بالنسبة للفعل أما ما يكون من الميل فيما لا ينتج عنه قول ولا فعل فلا يعاقب عليه المسلم، ولو أنه جاهده وقاومه فإنه يثاب على ذلك، ويعامل معاملة حسنة، ويُساعد ويقدم له الدعم للتخلص من ذلك، ويعامل على أنّه مريض يجب علاجه، أما من وقع في هذا الفحش فلا يعامل بالحسنى ولا يبرر فعله، بل لا بد من أخذ كل الجهود والطاقات لنهيهم عما هم فيه ولو تم علاجهم بالإجبار في هذا الزمان، ولا يقال أن الله سبحانه وتعالى قد خلقهم على هذا الأمر فلا يؤاخذون، فالله سبحانه يخلق الخلق جميعًا على الفطرة، وعلى السلوك القويم المستقيم، وهذا الانحراف يكون مكتسبًا وهذا الشذوذ يتم اكتسابه من البيئة ومن الشياطين من الإنس والجن سواء.[3]
شاهد المزيد: هل النسوية حرام في الشرع
هل يعذر المبتلى بالشذوذ ؟
لا يعذر المبتلى بالشذوذ أبدًا، فهذا الأمر صنيع يده وصنيع الوسط الذي يحيط به، وهذا الأمر من الأمراض التي لها علاج، والشاذ يمكن أن يعود مستقيمًا، بعلاجه، فقد أمر الله سبحانه وتعالى قوم لوط بالتوبة والرجوع، وهو أعلم بخلقهم، ولو أن الرجل أو المرأة وجدا ميولًا شاذة، فمن واجبهما كبحها، والتخلص منها وعدم الانجرار وراءها، فهي من الشهوات المحرمة والشهوة المحرمة بعمومها مأمورٌ المسلم أن يكبحها وأن لا يجري خلفها، وعلى كل إنسان ابتلي بهذا الأمر أن يبتعد عن ما يجره نحوها، وأن يشغل نفسه بما يفيده، وأن يعزف إلى الزواج بما شرّع الله بأسرع وقت، فأفضل علاج هو ما يبدأ الإنسان بعلاج نفسه فيه، ولا تظن أن الله سبحانه وتعالى يحرم أمرًا ويأمر الناس بتركه ويعاقبهم على الإتيان به إلا لأنه علم أنهم بمقدورهم تركه، فلا عذر ولا يدارى الشاذ بالمطلق، فأمره بيده وعليه أن يعالج نفسه قبل فوات الأوان.[4]
أضرار الشذوذ
إن الشذوذ في الإسلام من أعظم الذنوب وأخطر الجرائم التي يمكن للإنسان أن يأتي بها، فالشذوذ خلاف للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، ويعد انتشار الشذوذ من أهم أسباب الأمراض المستعصية التي لا يستطيع أحد أن ينكر سببها، ومنها مرض المناعة المكتسبة الإيدز وغيره كثير، ويعد الشذوذ سببًا في تفكك الأسر وانحلالها وتفكك المجتمعات وتدميرها، وسبب في الفشل بالعمل والدراس وغيره، وله من المفاسد الكثير مما يصعب حصره وتعداده، وإن هذا الفعل يسحب الحياء من وجه فاعله، ولذلك أجمع أهل العلم في الحكم الشرعي أن فاعله يقتل والله ورسوله أعلم.[5]
هل تقبل صلاة الشاذ وعبادته
شاع بين الناس أن من قام بجريمة الشذوذ لا تقبل صلاته مدة أربعين يومًا، وقد ذكر أهل العلم بالرغم من قبح هذه الجريمة النكراء إلا أنه لا يجوز القول بهذا الأمر بأن صلاته أو عبادته لا تقبل إلا بدليل، ولا يوجد دليلٌ شرعي يقول ذلك، فقبول العبادات من صلوات وغيرها من الأمور الغيبية التي يرجع أمرها إلى الله سبحانه وتعالى فلا يجب على الإنسان أن يفكر بها أو يتوقف عندها إن لم يرد فيها نصًّا من القرآن والسنة والله ورسوله أعلم.[6]
علاج الشذوذ الجنسي
ذكر الكثير من أهل العلم الكثير من النصائح والطرق لعلاج الشذوذ الجنسي والتخلص منه، وذلك كما يأتي:
- إعلان التوبة مباشرةً وإعلانها توبة صادقة إلى الله والتندم على التفريط بحق الله والعزم على ترك هذه المعصية.
- إشغال النفس بذكر الله وطاعته والإكثار من التسبيح والتكبير والتهليل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى.
- مصاحبة الصالحين والطائعين والتقرب من مجالسهم والبعد عن أهل السوء والبطالة.
- الحرص على سد الأبواب والطرق الموصلة إلى تلك الفاحشة.
- الزواج فهو من أهم العلاجات للمشاكل المتعلقة بالغريزة.
- الإكثار من الدعاء والتضرع واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والانكسار أمامه وتذكر يوم القيامة.
- زيارة القبور وتذكر الموت تربية للنفس.
- الابتعاد عن الراحة والنعومة والخوض في أعمال شاقة ورياضات متعبة.
بهذه النصائح نختتم مقال ما هو الشذوذ في الإسلام وما هو حكمه، والذي عرّف بالشذوذ، وذكر عقوبة الشاذ في الإسلام، واستعرض أقوال أهل العلم فيه، كما بيّن كيفية التخلص من هذه الجريمة النكراء، وسلط الضوء على عديد الأحكام الشرعية عن هذه المسألة.