كيفية السيطرة على النفس
كيفية السيطرة على النفس هي البوّابة التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يتمتّع بشخصية هادئة متّزنة قادرة على التعامل مع الآخرين، ولأنّ ردّات فعل الإنسان العشوائية هي من أبرز عيوب الشخصية و أهمها، يتناول موقع أطروحة عبر هذا المقال طرق عديدة للسيطرة على النفس في ظروفٍ مختلفة.
فن السيطرة على النفس
يختزن الإنسان في أعماقه طاقات كامنة، قد توصله إلى الحضيض إذا أساء استخدامها ولم يضبطها بالشكل المناسب، ومن هنا نستطيع أن نقول أنّ السيطرة على النفس هي أحد الفنون والنشاطات الذهنية القادرة على ضبط قدرات الإنسان البدنية وتوجيهها بطريقة مناسبة يستطيع من خلالها ضبط ردّات فعله و التعامل مع المواقف المختلفة بحكمة واتّزان. و تجدر الإشارة إلى أنّ تدريب الإنسان المتواصل على ضبط انفعالاته وكبح جماح رغباته تمنحه ثقة عالية بنفسه، وقدرة مميزة على اكتشاف عيوب شخصيته وتقبّلها ومحاولة إصلاحها قدر الإمكان.
كيفية السيطرة على النفس
مجموعةّ من الخطوات البسيطة والإرشادات قادرةّ على جعلك تتحكم في نفسك والارتقاء بها، لذا سنتناول بعضها:
- تقبّل عيوب شخصيتك واعترف بأنك غير قادر على السيطرة على نفسك ورغباتك، فإن أول خطوة لحلّ المشكلة هو الاعتراف بها.
- اكتشف نقاط ضعفك وحدّدها، فمثلاً ماهي الأمور التي تثير انفعالاتك؟.
- تقرّب من الله تعالى، وأسأله أن يعينك على ذاتك.
- اطلب النصيحة من صديق تثق به إن وجد، وشارك معه أفكارك، فالفضفضة ضرورية لتفريغ طاقة الإنسان السلبية وحمايته من الضغوط النفسية.
- استمع وانصت إلى من يتكلّم معك، ولا تقاطعه حتّى تفهم ما يعنيه، لتجنّب الوقوع في مشكلات سوء التفاهم والانفعال دون جدوى.
- قبل أن تتصرّف أيّ تصرّف اتجاه أي شخص، ضع نفسك مكانه، وعامله كما تُحبّ أن تُعامَل، وبالتالي ستجد نفسك متسامحاً معه، صافحاً عن زلّاته.
- فكّر بكلامك جيّدا قبل أن تنطق به، ولا سيّما عند الغضب، تجنّباً لجرح الآخرين وإيذائهم.
- إيجاد عادة أو سلوك يومي تعتاده لتفرّغ فيه طاقتك، كالمشي، و الكتابة، والرّسم، والموسيقا، أو أيّ نشاط آخر قادر على منحك أفكار إيجابية هادفة وامتصاص طاقتك السلبية.
- ترك العادات السيئة تدريجياً وحدد الوقت المناسب لترك كلّ عادة، واستبدالها بشيء آخر مفيد.
- ابتعدْ عن الأشخاص السّلبيين، وعن الغيبة والنّميمة، وعن ذنوب الخلوات فالمرء نتاج خلواته.
شاهد أيضاً: كيف تكون مرحا ومحبوبا
السيطرة على النفس الأمارة بالسوء
إنّ الإنسان بطبيعته ليس معصوماً عن الخطأ، ويطمع للحصول على كلّ ما تشتهيه نفسه، لكنّه يستطيع بعقله ضبط رغباته والتحكّم بانفعالاته إن أراد ذلك. و لأنّ العدوّ الأول الذي يواجه الإنسان هو نفسه الأمّارة بالسّوء، يقتضي أن نشير إلى طرق النجاة من حبّ الشهوات:
- استحضار عظمة الله تعالى ومراقبته لنا في السرّ والعلن.
- استبدال الصوم بالشهوات، أيّ أنّ الصيام يضبط النفس، ويردّها إلى طريق الصّواب إن ضلّت عنه.
- التقرّب من الله والدّعاء بأن يزكّي نفوسنا ويقوّم سلوكنا، وذلك بالالتزام بالفرائض وأداء السّنن، والمواظبة على ورد يوميّ من الأذكار.
- التزم بصحبة الصالحين، فالصاحب الصالح حريص على أخيه يحذّره من المنكرات، ويشجعه على فعل الخيرات.
شاهد أيضا: كيف تكون ذكياً في حياتك؟
كيفية السيطرة على النفس عند الغضب
هل تستشيط غيظاً عندما يتأخّر أحدهم عن موعده؟ أو تتوتّر وتفقد أعصابك إذا أخطأ شخصٌ ما معك؟ إنّ الغضب حالة طبيعية يعيشها الإنسان في موقف معيّن أثار انفعاله، لكنّ ينبغي ضبط ردود الأفعال للوصول إلى شخصية متّزنة قادرة على التعامل مع مختلف المواقف، وذلك من خلال:
- اكتشف ذاتك واعرف مثيرات غضبك، لتجنّبها والتعامل معها بطريقة أفضل.
- لا تكن عجولاً، و فكّر جيّداً قبل أن تتحدّث، وتجنّب التهديد والوعيد الذي قد تندم عليه لاحقاً.
- استمع إلى الآخرين، وتفهّم وجهة نظرهم قبل إطلاق الأحكام عليهم.
- احترم مكانة الشخص الذي يقف أمامك، وتجنّب إملاء الأوامر على الآخرين بشكل دائم.
- التزم حسن الظن بالآخرين، ووضع الأعذار لهم ، والتحلّي بحسن الخلق، كلّها تساهم في دفع نوبات الغضب.
- اعط نفسك حقها من الوقت، وامنحها فترة للاسترخاء، وكافئ نفسك بعد كلّ مهمة تقوم بها، لتقلل من التوتر والضغوط في العمل.
- ابحث عن نشاط معيّن ليكون سلوكاً يوميّاً يمتصّ غضبك، كالرياضة والمشي والركض والسباحة وغيرها.
كيف تساعدك السيطرة على النفس في عيش حياة صحية
إنّ سيطرة الإنسان على نفسه في مختلف المواقف، والتحكّم برغباته تُضفي على حياته الطمأنينة والسّلام، فيعيش في أجواء هادئة بعيداً عن الغيظ والتّوتر، كما تزيد ثقته بنفسه وبمن حوله، و تقوّي روابط الألفة و المحبة بينه وبين النّاس. ومن جهةٍ أخرى نجد أنّ التحكّم بالذات وضبط الانفعالات تحمي الإنسان من آثار الغضب بعيدة المدى والتي تؤثّر سلباً على صحته وجسده كالأمراض المزمنة النّاتجة عن التّوتر والانفعال الدّائم، ومن هذه الأمراض: القلبية و ضعف المناعة، وعسرات الهضم، بالإضافة إلى الأمراض النفسية كالقلق وغيرها.
مكانة السيطرة على النفس الإسلام
إنّ لكظم الغيط وضبط الانفعالات مكانةٌ عظيمة في الإسلام فجعله باباً من أبواب الجنة الثمانية، فهو من أعظم الأخلاق التي يتحلّى بها المؤمن فتكسبه رضا اللّه تعالى ورضا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال: “ما من جُرعَةٍ أعظم أجرًا عند الله من جرعةِ غيظ كظمها عبدٌ ابتغاء وجه اللّه”. كما أنّ كظم الغيظ يرفع مكانة صاحبه في الدّنيا والآخرة، ويمنحه شرف النفس فيترفّع عن التلفّظ بالشتيمة، و تجنّب سماعها، ومواجهتها بالصبر، والابتسامة، والكلام السهل اللّين، وفي ذلك قال الرّسول الكريم: “مَنْ كَظَمَ غَيْظًا – وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ – دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ”.
و إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا كيفية السيطرة على النفس، والذي سلّطنا فيه الضوء على بعض الإرشادات لكبح النفس وضبطها في حالات مختلفة كالغضب، وقدّمنا الحلول لعلاج النفس الأمّارة بالسّوء، كما وضحنا مكانة كظم الغيظ في الإسلام.