قيس بن الملوح سيرته وأجمل ما قال من الشعر
قيس بن الملوح سيرته وأجمل ما قال من الشعر في محبوبته ليلى، حيث يعدّ الشعر مرآةً تعكس ما يختلج في صدر كاتبه من مشاعر وأحاسيس، فهو يمدح إذا أعجب، و يتغزّل إذا أحبّ، ويرثي إذا خطف له الموت غالياً، ولذلك يهتمّ موقع أطروحة عبر هذا المقال بعرض سيرة قيس بن الملوّح الذي أطرب أسماع العرب بقصائده في الحبّ والغزل.
من هو قيس بن الملوح
كان قيس بن الملوّح أحد شعراء العصر الأموي المتيّمين، و الذي أطرب العرب بأعذب كلمات الغزل وأرقّ قصائده، فقد ولد في عام 24 هجري والموافق ل 645 ميلادي في نجد، فهوي نجديّ الأصل، وعاش آنذاك في البادية العربية أثناء حكم الخليفة مروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان. كان يُعرف ابن الملوّح بأنّه مجنون ليلى وهو لقبٌ أطلق عليه لشدة حبّه لابنة عمه، فهو لم يكن مجنوناً أبداً، بل كان يحبّها حبّاً عذرياّ صافياً، وهذا ما جعله يتّخذ من ألمه ومعاناته في حبّ ليلى دافعاً لكتابة قصائده و يتغنّى بها، و كأيّ حبيبٍ يريد أن يحظى بلقاء محبوبه لذا كان قيس كثير التواجد في المكان التي تتواجد فيه ليلى فتارةً يكون في الشام، وتارةً في الحجاز، وتارةً أخرى نجده على أرض نجدِ. ومن الجدير بالذكر أنّ ابن الملوّح لم يكن وحده متيّماً مجنوناً بمحبوبته، فقد كان هناك قيسٌ آخر وهو ابن ذريح ولقّب أيضاً بمجنون لبنى. وأمّا عن وفاته فقد فقد وصف بأنه شهيد الحبّ العذريّ حيث وجده أهله ملقيّاً بين أحجار البادية، وذلك في في عام 68 هجري و الموافق ل 688 ميلادي.[1]
شاهد أيضًا: حكم سيوفك في رقاب العذل
السيرة الذاتية لقيس بن الملوح
ذاع صيت الشاعر الأموي قيس بن الملوّح حيث عرف بقصائد الغزل المكلّلة بالحبّ والوجدان، لذا فيما لمحة بسيطة عن حياته وأهم الأحداث فيها:
نسبه ونشأته
هو قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن عامر بن صعصعة، العامري الهوزاني، ولد ابن الملوّح في نجد في شبه الجزيرة العربية، وعاش فيها وذلك في القرن الأول للهجرة، وكبر و ترعرع في وادي الحجاز بين أهله وأحبائه من بني عامر، وأثناء طفولته كان يرعى مواشي والده برفقة ابنة عمه ليلى بنت سعيد العامرية، والتي شبّ على حبّها، وبعد ذلك تقدّم لخطبتها لكن أهلها رفضوا و منعوا زواجهما، وهذا ما جعل من قيس شاعراً من أهم شعراء الغزل الذين خلّدهم التاريخ، حيث عاش حياةً صعبةً بسبب البعد عن المحبوب وفراقه.
قصة حبّ قيس وليلى
كان قيس بن الملوّح يخرج في البادية لرعاية الماشية، وكانت ليلى العامرية ابنة عمّه تخرج برفقته، فيلعبان ويلهوان معاً، وهكذا مضت طفولة كلّ منهما فقد كانت ليلى رفيقة أيامه التي تربّت معه، فشبا سوياً ونشأ كلٌّ منهما على حبّ الآخر، لكنّ و بسبب العادات في البادية احتجبت ليلى عن ابن عمها عندما كبرت، وزاد ذلك من حبّ قيس لها وهيامه بها، فتقدّم لخطبتها من أبيها وجمع لها مهراً عظيماً والذي بلف مقداره خمسين ناقةً حمراء، وكلّ هذا لتكون محبوبته وزوجته، لكن أهل ليلى وقفوا بالمرصاد لهما، فرفضوا تزويج ابنتهم له، فزوّجوها لشابٍّ آخر من قبيلة ثقيف يدعى ورد بن محمد العقيلي، ثمّ رحلت ليلى مع زوجها ورد إلى الطائف، وهذا ما جعل من قيس إنساناً يرثى له، فقد عاش مأساةً حقيقية عنوانها الوجد والهجر، و مأساته هذه دفعته لاستبدال البراري والأحجار بمسكنه وأهله ، وراح يهيم بقصائده التي أضفت بهاءً ورونقاً خالداً على الأدب العربي.
وفاته
لقى قيس بن الملوّح شاعر الغزل العذريّ حتفه في عام 68 هجري الموافق لعام 688 ميلادي، فوجد ميتاً بين الأحجار، حيث تقول إحدى الروايات أنّ امرأةً من قبيلته كانت تتفقّده يومياً و تمدّه بالطعام، وفي أحد الأيام وجدت أنه لم يتناول طعامه كالمعتاد، فأرسلت خبراً إلى أهله، حتّى يبحثوا عنه، فوجده بعد ذلك ميتاً متوسّدًا الأحجار التي وجد فيها ملاذه ومنزله، فعادوا به إلى قبيلته.
شاهد أيضًا: شعر عن عيد الاضحى
هل قصة قيس وليلى حقيقية؟
حمل حبّ قيس ليلى معنىً إنسانياً تخلّد عبر الزمن، و أصبحوا رمزاً للحبّ البريء العفيف، لكنّ الآراء لم تتوحّد بعد فيمّا إذا كانت هذه القصة حقيقيةً أم لا، وفيمّا إذا كان قيس إنساناً حقيقاً كان موجوداً بالفعل أم أنه رمزٌ بإحدى الروايات والقصص الخيالية، ومن أنصار الرأي الذي أنكر وجود ابن الملوّح هو الدكتور طه حسين، بل وكان من المتشددين المتمسّكين برأيهم في الإنكار، واعتبر أن الغاية الأساسية لافتراض وجود الشاعر الأموي قيس بن الملوّح وحبه لليلى للعامرية هي تخليد اللغة العربية، و دعم الأدب العربي والارتقاء به إلى قمم المجد والرفعة. وردّ عليه بعض النقّاد بأن لغتنا العربية لا تحتاج إلى دعمٍ كهذا، والأدب العربي غني بقصائد الغزل العفيف ذات الكلمات الفصيحة والمعبّرة، وأن دعائم تشييد أدب هذه الأمة لا يتوقف أبداً على افتراض شخصية كشخصية قيس بن الملوّح. ومن جهةٍ أخرى لا بدّ من ذكر أن أخبار ابن الملوّح متوفّرة في عدّة كتب منها:[2]
- كتاب “الأغاني” لأبي فرج الأصفهاني.
- كتاب “الشعر والشعراء” لابن قتيبة.
لماذا رفض اهل ليلى الزواج من قيس
وقع قيس في صباه بحبِّ ابنة عمّه ورفيقة دربه ليلى، وأقدم على خطبتها باذلاً الغالي والنفيس في سبيلها، لكنّ والدها رفض طلبه رفضاً قاطعاً، معلّلاً أنّ السبب هي كلمات الغزل التي قالها في ليلى على الملأ، حيث أن عادات العرب قديماً تعتبر زواج المحبّ الذي شهّر بمحبوبته وأعلن عنها في شعره وصمةَ عارٍ يعاقب صاحبها برفض زواجه من محبوبته، و في بعض الروايات الأخرى تقول أن سبب رفض الزواج هو خلاف قديم على المال والميراث بين كلّ من والد قيس وليلى، حيث اعتبر والد ليلى أنّ أخاه قد أخذ أموالاً كانت من نصيبه هو، والسبب الأوّل هو الأرجح والله أعلم.
شاهد أيضًا: شعر عن راس السنة الهجرية الجديدة 1444 ، قصائد وأشعار عن العام الهجري الجديد
كيف مات قيس بن الملوح
بعد زواج ليلى وانتقالها للعيش بعيداً عن قبيلتها، حزن قيس حزناً شديداً و هجر قبيلته وأهله واتخذ من البراري موطناً له، وراح ينشد القصائد هائماً مبعثراً تكسوه مشاعر الشوق والحنين، وحسب ما ذكر في إحدى الروايات أن في آخر الأيام التي قضاها قيس في البراري في عام 68 و الموافق ل688 ميلادي اعتادت امرأةٌ من قبيلته أن تحمل له قوت يومه، وتعود في اليوم التالي لتجده قد تناوله، فتترك له غيره وهكذا حتى جاءت ذات يوم ووجدت طعام الأمس كما هو، فأيقنت أن مكروهاً ما قد أصابه، فأخبرت أهله بما حصل، وانطلقوا يبحثون عنه، فوجوده ميتاً مُتّكئاً على الأحجار وقد خطّ بإصبعه بيتين من الشعر يقول فيهما:
تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ
وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ
فياليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً
فيعلمَ ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ
اجمل ما كتب قيس بن الملوح
إنّ أبيات قيس بن الملوّح تسحر عقول سامعها وقارئها، فتحلّق بهم إلى عالمٍ آخر، عالمٌ متوقّدٌّ بمشاعر الشوق والحنين تارةً، وبالحزن والألم على فراق المحبّين تارةً أخرى، و ها هو قيس بن الملوّح حزين مكسور بسبب رفض أبيها جمعهما وإجبارهما على الهجر والفراق، فيقول:
وَأَسأَل مَن لاقَيتُ عَن أُمِّ مالِكٍ
فَهَل يَسأَلانِ الحَيَّ عَن كَيفَ حالِيا
فَوَدَّعتُهُم عِندَ التَفَرُّقِ ضاحِكاً
إِلَيها وَلَم أَعلَم بِأَن لا تَلاقِيا
وَلَو كُنتُ أَدري أَنَّهُ آخِرُ اللُقا
بَكَيتُ فَأَبكَيتُ الحَبيبَ المُوافِيا
هُوَ الحُبُّ لا تَخفي سَواكِنُ جِدَّهُ
وَكَيفَ وَيُبدي الدَمعُ ما كانَ خافِيا
أَتَيتُ أَبا لَيلى بِصَحبي وَنِسوَتي
وَجَمَّعتُ جَمعاً مِن رِجالِ بِلادِيا
بِأَن يَتَخَلّى عَن قَساوَةِ قَلبِهِ
فَزادَ فِظاظاً ثُمَّ رامَ هَلاكِيا
أَلا قُل لَهُم ما قَد تَرى مِن صَبابَتي
وَمِن أَدمُعِ تَنهَلُّ مِنّي تَوالِيا
وَمِن أَجلِها أَحبَبتُ مَن لا يَحُبُّني
وَمَن لا يَزالُ الدَهرُ فيها مُعادِيا
وَمِن أَجلِها صاحَبتُ قَوماً تَعَصَّبوا
عَلَيَّ وَلَم يَرعُوا حُقوقَ جَوارِيا
اروع ما قال قيس في ليلى
كان قيس يطلق العنان لمشاعره ويسترسل بأعذب الكلمات وأرقّها ليصف العامرية، وكأنّ صورتها وذكراها تنقله إلى مكانٍ آخر أكثر حبّاً ودفئاً، ولم يكن يملّ أبداً من التغزّل بها في قصائده التي أذابت قلوب كل من سمعها وسحرت عقله، وفي الأبيات القليلة التالية يصف جمال ليلى فيقول:
إِذا عِبتُها شَبَهتُها البَدرَ طالِعاً
وَحَسبُكَ مِن عَيبٍ يُشَبَّهُ بِالبَدرِ
هِيَ البَدرُ حُسناً وَالنِساءُ كَواكِبُ
فَشَتّانَ ما بَينَ الكَواكِبِ وَالبَدرِ
إِذا ذُكِرَت يَرتاحُ قَلبي لِذِكرِها
كَما اِنتَفَضَ العَصفورُ بُلِّلَ مِن قَطرِ
ومن جهةٍ أخرى نجد أن قيس استطاع أن يتمسّك برفيقة دربه ومحبوبته عندما حاول والد قيس وأهله أن يقنعوا ابنهم بأن يسلو عن حبّ ليلى، وجرّبوا كلّ الوسائل في سبيل ذلك لكنّها باءت كلّها بالفشل، فوشوا بها وعمدوا إلى تشويه صورتها في نظر محبوبها، وادّعوا أنّها لا تمتّ للجمال بصلة، فردّ عليهم قيس مدافعاً عنها:
يقولُ لِيَ الواشونَ لَيلى قَصيرَةٌ
فَلَيتَ ذِراعاً عَرضُ لَيلى وَطولُها
وَإِنَّ بِعَينَيها لَعَمرُكَ شُهلَةً
فَقُلتُ كِرامُ الطَيرِ شُهلٌ عُيونُها
وَجاحِظَةٌ فَوهاءُ لا بَأسَ إِنَّها
مُنى كَبِدي بَل كُلُّ نَفسي وَسولُها
فَدَقَّ صِلابَ الصَخرِ رَأسَكَ سَرمَداً
فَإِنّي إِلى حينَ المَماتِ خَليلُها
تأثير قيس بن الملوح في الأدب العربي
لم يكن قيس مدركاً أنّه قصائده سطّرها الزمن و خلّدها التاريخ، وأنّه بلسانه الفصيح وبكلماته البليغة أضاف إلى الأدب العربي رونقاً فوق رونقه فازداد بهاءً وجمالاً، وقد جمعت قصائد الشاعر قيس بن ملوّح في حبّه للعامريّة في ديوان شعريّ يتداوله النّاس، و يردّدون كلماته ويطربون بسماعها إلى وقتنا الحاضر.
شاهد أيضًا: تحميل رواية على نور الشفق احيا واهيم، رابط تحميل مباشر
تحميل كتاب ديوان قيس بن الملوح مجنون ليلى pdf
جمعت قصائد الشاعر قيس بن الملوّح في ديوان خاص، وذلك بقلم مجموعة من المؤلفين، فقيس بن الملوح من أشهر شعراء الغزل العربي، والذي كان لقصته غرابة وشهرة كبيرتين، وكان شعره يمتاز بالغزل العذري النقي الطاهر، ويمكن تحميل ديوانه بسهولة “من هنا“.
صور شعر قيس بن الملوح
فيما يلي بعض الصور التي فيها أجمل أبيات قيس بن الملوح:
وإلى هنا نصل إلى ختام مقالنا قيس بن الملوح سيرته وأجمل ما قال من الشعر، حيث تناولنا فيها سيرة حياة شهيد الحبّ العذري، وتحدّثنا عن سبب رفض أهل ليلى زواجه من محبوبته، وكما عرضنا بعض أبياته مكتوبةً وبالصور، وأرفقنا ديوان الشاعر قيس بن الملوح بصيغة pdf.