حكم الخلع في الإسلام وهل بالإمكان رجوع الزوجين لبعضهما بعد الخلع
حكم الخلع في الإسلام في العلاقة الزوجية، فنجد أنه عندما تحدث العديد من المشاكل بين الزوجين فإنه لا يوجد مستقبل لعلاقتهما، لأنها مبنية على الفشل والانهيار والمشاكل الدائمة، فيكون الحل الوحيد بينهما هو الطلاق لينطلق كل شخص منهم في طريقه بعيداً عن الآخر، غير أنه قد يرفض الزوج تطليق زوجته والزوجة تريد الطلاق فعندها تلجأ الزوجة لخلع زوجها، لذلك يقوم موقع أطروحة بتقديم معلومات عن الخلع وعن حكمه في الدين الإسلامي، وعن كيفية الخلع وطرقه ومبطلاته.
حكم الخلع في الإسلام
جعل الله جل جلاله حلاً للمشاكل الزوجية الشديدة بالطلاق الذي خصه الله تعالى عند الرجل، فالطلاق يعد أبغض الحلال عند الله ودليل على فشل العلاقة بين الزوجين، وفي بعض الحالات تحتاج المرأة للطلاق فتلجأ المرأة إلى حكم خلع الزوج إذا كانت متأزمة منه، غير أنه لا يمكن حدوث الخلع إلا برضى الطرفين ويكون الخلع بأن تكون المرأة هي المنفقة للمال أي أن الزوج لا يدفع ثمن الطلاق المتفق عليه، فعد الإسلام أن الخلع حلال ولكن فيه بغض من الله تعالى ولكن يجب أن يحدث ضمن شروط محددة.[1]
شاهد أيضاً: حكم ظل العورة
حكم الخلع ابن عثيمين
وجد الشيخ محمد بن صالح العثيمين أن لخلع الزوج أحكام يجب أن تحدث ليكون الخلع حلال، فيجب أن يقبل كلا الطرفين بالخلع ويتوجب على المرأة أن ترد المهر للزوج، ويعد الخلع أمراً لازماً بين الزوجين إذا كانت علاقتهما ممتلئة بالمشاكل والنكد وإذا كانت هذه الحالة تلهي عن عبادة الله تعالى، فالفراق لهما أفضل وفيه شيء من الأجر ولا ينقطع عمل أي منهما أو رزقه كما قال تعالى:{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}[2].
هل يجوز رجوع الزوجين بعد الخلع
يمكن للزوجين الرجوع لبعضهما إن كان الخلع لمرة واحدة ولم يكن قبله طلاق بإنشاء عقد جديد، ولكن في حالة أن الزوج قد قام بتطليق زوجته لمرتين فقامت المرأة في خلعه في المرة الثالثة فنجد هنا حالتين، الأولى هي إذا كانتا الطلقتان فيهما إكراه للزوج ففيه أن يرجع لزوجته بعد الخلع، والحالة الثانية هي أن تكون الطلقتان السابقتان دون إكراه وتم الخلع فيجب لرجوع الزوجين أن يستشيروا أهل العلم، فمن أهل العلم من قال الخلع يعد طلاقاً ثالثاً فيجب على الزوجة أن تتزوج برجل آخر وأن يدخل عيها دون اتفاق وبعده يحدث طلاق أو يموت زوجها فتتمكن من الرجوع لزوجها السابق، ورأى بعض أهل العلم أن الخلع يعد فسخاً أي لا يعامل معاملة الطلاق فيمكن إنشاء عقد جديد بين الزوجين دون أن تتزوج المرأة.[3]
شاهد أيضاً: ماهو حكم الاحتفال في عيد الأم
شروط الخلع في الإسلام
يشترط لحدوث الخلع في الإسلام أمرين، هما أن يكون كلا الزوجين راضياً بالخلع عن الآخر نتيجة حدوث مشاكل وتدهور الرابطة الزوجية وشعور الزوجة بالضرر من قبل الزوج، ويجب على المرأة أن ترد المهر لزوجها إذا أرادت الخلع وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه زوجان يريدان الخلع:
“…فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً”[4]
متى يكون الخلع باطل؟
فمن الأحكام المبطلة للخلع هي أن يكون الزوج رافض لهذا الأمر فإذا قام القاضي أو الحاكم بخلعه يعد هذا الأمر باطلاً وتبقى المرأة ضمن عصمته، وإذا لم تعطي المرأة زوجها كامل المهر الذي قدمه لها، غير أنه إذا كان الزوج لا يريد المهر من الزوجة فالخلع عندها جائز، وجب على المرأة عند خلع زوجها أن تكون متضررة منه أو خائفة على أن لا تلبي له حقوقه الشرعية.
شاهد أيضاً: ما حكم العادة السرية في رمضان
هل يجوز للقاضي خلع الزوج دون رضاه
فاختلف أهل العلم على حكم خلع الزوج من قبل القاضي دون رضاه، فرجح بعض أهل العلم والفقهاء أنه لا يجوز خلع الرجل عن زوجته دون رضاه، ورأى القسم الآخر من أهل العلم أنه جائز خلع الزوج دون رضاه في حال أن الزوجة أرادت خلعه لأنها متضررة منه أو أنها لا تريده ويحدث بنهما مشاكل فإن لم ينفصلا فإن هذا يعد طريقاً للفتنة والمعصية فيجب عليهما الفراق، بشرط أن تقوم الزوجة برد المهر للزوج، ورجح الإمام ابن باز وابن عثيمين الخلع في هذه الحالة.[5]
حكم الخلع الغيابي
نظراً لدراسات أهل العلم المكثفة ذهب منهم على أن خلع الزوج في غيابه عن المحكمة بسبب رفضه الخلع جائز إذا أرادت ذلك المرأة نتيجة المشاكل بينهما وكرهها تجاه زوجها فقال في هذا الموضع الإمام ابن باز بأن الفراق أفضل لهما، لأنهما إن بقيا معاً فربما تتفاقم المشاكل بينهما، ولكن يجب على المرأة تعويض زوجها بالمهر كاملاً بعد الخلع، ورأى بعض أهل العلم أنه لا يجوز الخلع دون رضا الزوج وغيابه فربما يكون كلام المرأة فيه شك وغير صحيح فيجدون أن من الأفضل وجود الزوج.
شاهد أيضاً: هل يجوز صلاة التهجد في البيت
حكم الخلع بدون سبب
جعل الله تعالى كلا الزوجين مسكناً للآخر وأقام علاقتهما على المودة والرحمة بينهما، ويجب الزواج على كل المسلمين لنيل رضا الله تعالى وللشعور بالرضا والطمأنينة فقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[6]، فيمكن أن يحدث الخلع بين الزوجين نتيجة شعور المرأة بصعوبة الحياة مع الزوج أو إصابتها بضرر من قبله فعندها يمكنها خلع زوجها للابتعاد عن المشاكل، ولكن لا يجوز خلع الزوج بدون سبب لما فيه من إثم فإن كان الضرر من الزوجة يجب أن يقيم الرجل عليها حدود الله لتقويم سلوكها، فتبدأ بالوعظ فإن لم تتعظ فيجب الهجر فإن لم تتعظ يلجأ إلى الضرب.[7]
أسباب الخلع في الإسلام
يعد من أكبر وأهم أسباب خلع الزوجة لزوجها في الدين الإسلامي هو المشاكل الدائمة في العلاقة الزوجية، فتنتج هذه المشاكل من بغض الزوجة لزوجها أو العكس، ويمكن أن يحدث الخلع بسب خوفها من تأدية حق الله في طاعته وهنا الخلع يكون جائز خوفاً من الفتنة والخروج عن الدين، ولكن لا يحدث الخلع إذا كانت المرأة تشعر بعدم محبة الرجل والميل تجاهه فهذا لا يعد من مبيحات الخلع.[8]
إلى هنا ينتهي مقال حكم الخلع في الإسلام بعد أن تم الشرح فيه عن أحكام الخلع كافة والله أعلم، وذكرت مبطلات الخلع والأسباب التي تحلله، مع إرفاق بعض أهم الخطوات للخلع الصحيح.